اليوم و
نحن في شهر مارس الذي تخلده المرأة في جزء من العالم كنتاج لنضال أخريات و يستقبله
الإعلام العربي الهرم كأي إعلام لا يفوت لحظة للتغني بما وصلت إليه المرأة العربية
ترويجا و تلميعا و محاولة لتحريف الخطاب الثوري الذي لن يثنينا عن إيصال أصوات
أخريات يرضخن للعنف الجسدي و اللفظي و التغريب..إن إحتفالنا بهذا العيد يدخل في
إطار مشاركة الأخرين الفرحة و تثمين الجهود التي أوصلت الأمريكيات في يوم مضيئ
لعتبة التاريخ..لكن ذلك لا يخول المرأة العربية السطو علي
أمجاد الآخرين و حصر
حرية التعبير و المطالبة بالحقوق في ظرف زمني محدد.
في عصر الجاهلية و
قبل الإسلام كانت المرأة العربية مهرة الشعر و أميرة في مخيلة الشعراء و بيت
القصيد في القصيدة العربية لكن تلك الصورة الحسناء لم تستطع كسر الصورة النمطية في
صكوك المجتمع الذي يعتبرها وصمة عار تدفن في جنح الليل
كرست الجاهلية
ثقافتها البدوية لشرشحة المرأة ..كما كرست شريعة "المانو"الهندية بنودها
الدينية لحرق جسدها المنكوب بأعصاب باردة ..إن محاولة توظيف أي ديانة في التطاول
علي الحق الأخر هو جريمة لا يغفرها التاريخ كما أن إستغلال جسدها لإشباع رغبات
جنسية لا يبعد ذلك وحشية و يولد في داخلها روح العدوانية..و يقرأ من سجون
البابليون علي عهد "حمورابي" إستخدام القوة المفرطة لتكميم صوت المرأة
..
تاريخ الإضطهاد و
العنف و التهميش عبر الجزيرة العربية إلي أقصي البلدان الأوروبية التي كانت تعيش
عصور الظلام و الخرافة و الشعوذة,اختلفت وتيرة العنف من بلد لأخر و من حضارة لأخري
و تنوعت الأساليب بتعدد العادات و الطقوس التي ورثتها الطبقات..
أجمعت الديانات ما
قبل الإسلام علي أن المرأة كائن غريب ليست له أصول بشرية و يشكل وجوده خطرا علي
المجتمع..
نالت المرأة في
الحضارة الرومانية كذا المصرية بواعث عاطفية مادية لكن ذلك الإهتمام كان وليد مطلب
من مطالب المتعة و الترف الجنسي للرجل ..مشاعر الأمومة
دفنت في داخل المرأة
لتتلاشي الصورة النموذجية في أذهان أبنائها
أسواق انكلترا سنة
1841 ب"شنلين" كانت محطة سوداء في تاريخ المرأة فقد تم بيعها في المزاد
العلني كقطعة أثاث لتعكس مدي غرطسة المجتمعات و درجة الإنحطاط الأخلاقي وغياب
الوازع الديني و الثقافي و الحضاري عند الأمم الأوروبية القديمة و الوسطي..
كان الإسلام سباقا
لإنتشال المرأة من فجوة الظلم و الإضطهاد فمنحها حق الزواج و الميراث مقدما بذلك
المرأة في قالب جديد إستطاعت من خلاله أن تبرز قدرتها علي القيادة و التدبير و
مواهب فتحت أمامها أفاق ميادين الشعر و السياسة و الحرب ..
و للأمانة التاريخية
فقد كانت عصور التنوير و الفتوحات الإسلامية نقلة نوعية للمرأة
تقلدت خلالها مناصب
سامية..
لكن ما إن بدئت تطفوا
العادات و التقاليد علي نبض الشريعة حتي عادت موجة العنف ضد المرأة في كل بقاع
العالم تزامنا مع عصور الضعف في العالم العربي و ظهور الإيديولوجيات و تشتت العالم
باحثا عن الحرية و العدالة و المساواة ..رغم ذلك طورت المرأة من أساليب التعبير عن
رفضها لحياة الإسترقاق الإنساني من خلال السينما العالمية و المحلية التي سلطت
الضوء علي جزء من تلك المضايقات في إختيار الشريك و مزاولة العمل و كواليس الحياة
الزوجية و ما تعانيه المرأة من ضرب و تهكم دون أي تقدير لمجودها الأسري و
التربوي..
كما يري الكاتب أحمدو
ولد ممون في كتابه المرأة في الإسلام أن أنواع المعاملة التي عوملت بها المرأة علي تعددها ليست مبنية علي
أساس واحد وليست أتية من مصدر واحد و لا يلزم من وقوعها في بلد أن تقع في بلد أخر
,وليس من الغريب أن يظهر منها نوع بلد و يختفي في بلد أخر و لا أن يكون ظهور هذا
النوع بمقدار اختفاء ذلك النوع الأخر لأن بعض هذه المعاملات من صنع السلطة الدينية
و بعضها من صنع المراسيم والعادات والشعائر التي تتبدل مع الأمم و الطبقات تبدل
الدهور و المجتمعات و البعض الأخر من صنع الأخلاق و الشمائل التي تعلوا وتنحدر علي
حسب العوارض المتجددة من أطوار الثقافة و التهذيب أو أطوار الضعة و الجهالة ,فلا
يستغرب أن تتعارض في كثير من الأزمنة كما تتعارض انتقائض و الأضداد..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire