تزامنا مع اجتماع
مجلس الأمن الدولي و موافقته علي التدخل العسكري في شمال مالي و بعيد زيارة هولاند
للقارة السمراء و التي أعرب فيها عن تأييده للتدخل العسكري متحفظا علي مشاركة فرنسا
الميدانية مؤكدا أن حركة الجهاد و حركة أنصار الدين و حركة تنظيم القاعدة الإسلامي
في المغرب العربي باتت تشكل خطرا علي
افريقيا و أمن أوروبا
و في خضم هذه الأحداث و نظرا لما تعيشه البلاد من توتر داخلي
علي الصعيد السياسي الذي يشهد تحركات
منذ فبراير
2011 قادها التيار الشبابي من خلال موجة احتجاجات و اعتصام في ساحة ابلوكات
الذي تم فضه من طرف النظام أنذاك
والتي تعد أول مبادرة
يتولي الشباب الموريتاني زمام القيادة توجها بيوم الغضب 25 ابريل الذي سجل قمع عنيف و اعتقالات تعسفية و
يوم الرفض 24 مايو الذي أجج الشارع و أوقد شرارة الاحتجاجات مطالبة برحيل
النظام
قدوة بنسيم الربيع العربي في تونس الخضراء
و كانت 2012 سنة
انتفاضية بجدارة إذ عادت التحركات الشبابية كحركة 25 فبراير و ائتلاف 25 كما شهدت ولادة حركة ( م.ج.م)
الرداء السياسي لحزب تواصل و (مشعل) رضيع المعارضة و (ايرا) و (لا تلمس جنسيتي ) كما شهدت انقسام أحزاب
الحوار مما تمخض عنه منسقية المعارضة الديمقراطية التي طالبت برحيل النظام بعد جولات من الجنوب إلي الشمال
كشرت فيها المعارضة عن الأنياب و ألقت خطابات تصعيدية متوعدة بإسقاط نظام محمد ولد
عبد العزيز وفي 12 مارس نظمت المعارضة أول مسيرة رفعت فيها لوحة الرحيل دونما سابق
إنذار تلاها عدة مسيرات حملت شعارات تؤكد مطلب الرحيل و في 2 مايو نظمت المعارضة الموريتانية
أول
اعتصام في تاريخ البلاد تم قمعه من طرف النظام في أولي ساعاته
في تلك الحقبة اتجهت الأنظار لمباراة التغيير الحزبي
الذي كان يلوح في الأفق و نظيره الثورة الشعبية رغم ما
تمر به من فوضوية و تخلخل
في الصفوف, صراع ستكون الإطاحة بالنظام أول نتائجه
و علي الصعيد العسكري
فقد تمت تغييرات متتالية في الكادر العسكري بفاصل زمني قصير أثارت جدل كبيرا في
الوسط السياسي كما تحدثت أوساط أخري عن تمرد في قيادات الجيش بعد إقبال ولد عبد
العزيز علي خوض الحرب علي مالي قرار يراه أغلب المحللين زحف نحو المجهول و الزج
بالبلاد في حرب لا تمتلك أبسط مقوماتها و يرجح التمرد العسكري ضد الحرب إلي ضعف هيكلة الجيش الموريتاني و نقص في معدات
الحرب ما دام الخصم تنظيم القاعدة الذي يمتلك نفوذ سلاحي شاسع و مهارات في فنون
الحرب من تفكيك و تركيب و خطط إستراتيجية دفاعية متطورة
أطلقت رصاصة علي
الرئيس ولد عبد العزيز في مساء السبت 13 أكتوبر و هي أول محاولة اغتيال سياسية
فتحت أبواب التساؤلات بعد أن روي وزير الإعلام حكاية "سندباد" الرسمية
التي لا يقبلها المنطق مؤكدا أنها رصاصة صديقة و بارود حميم الجزء الأصدق من رواية
سندباد أن الرصاصة عسكرية أما باقي تصريحه فلا يعدو كونه تضليل للرأي العام و
محاولة لسدل الستار علي ملابسات القضية
إن كانت خاطئة فللقصة
روي أخر فالرئيس كشخصية بارزة و وفق السلم الأمني يحذر عليه التحرك العشوائي كما
تصل السلطات الأمنية و الوحدات الفرعية المرابطة
إشعار بموكبه و هذا من تداعيات السلامة, و أن تصيب أعلي قيادة في دولة
عسكرية بإمتياز رصاصة خاطئة يوحي بإنفلات أمني داخلي شديد و إنفصام بين السلطة
التنفيذية و القيادة العسكرية مما يضع الدولة علي المحك و يعطي الضوء الأخضر
للتواكل علي القصر الرمادي الذي هو موروث شرعي للعسكر .. مؤشر أحمر علي هشاشة أمن
البلاد و استهداف رموزها
أما إن كانت عمدا
فوفقا للفقه السياسي لها تداعياتها و تحمل رسائل لم يفصح بعد عن مكنونها عدي
إستبعاد الرئيس عن الواجهة الدولية و الإقليمية في هذه الظروف الحساسة. و إثبات
صريح بتواكل أطراف إنقلاب 2008
و في إنتظار ما إذا
كانت الرصاصة خطأ أو عمدا يخيم الغموض و الإرتجال علي الشارع الموريتاني و يزخ
بالتحاليل و التنبؤات و الرصاص أصدق أنباءا من الكتب , فهل تشهد الفترة القادمة
إطلالة البيان رقم "1" و علي أي الأحبال ستلعب المعارضة تشريع أم
إستنكار و ما دور الحركات الشبابية في الفترة القادمة؟؟؟
حين نعارض أي نظام
دكتاتوري قفز إلي ربوع السلطة عن طريق إنقلاب لا يعني تأييد أي تغيير كلاشنكوفي و
رصاصة طائشة قد تعيدنا إلي مرحلة النكبة, فالتغيير الديمقراطي حكرا علي القوي
الشعبية و الحركات التصحيحية ذات الطابع الجماهيري لا وصاية فيها للعسكر
بقدر
ما نتمني للرئيس ولد عبد العزيز الشفاء بعيدا عن القصر الرمادي نرفعها في وجه "رصاصة
.. صديقة" يسقط يسقط حكم العسكر